رواية بعد الاحتراق After Burn لغادة حازم - الفصل 25 - 2 - الثلاثاء 30/1/2025
قراءة رواية بعد الاحتراق - After Burn كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية بعد الاحتراق - After Burn
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة غادة حازم
الفصل الخامس والعشرون
تم النشر يوم الخميس
30/1/2025
-2-
في
الداخل، كانت القاعة تضج بكبار الزوار حقا من مشاهير السياسة والمجتمع والفن إضافة
إلى الكثير والكثير من الصحافة.. شيئا في داخلها بدأ يألف تلك الأجواء ولم تعد
تواجه صعوبة كالسابق، ربما ذلك بسبب الدواء؟! لا يهم.. باستثناء شيءٍ واحد، ألا
وهو التكدس حولها والتهافت عليها بالأسئلة السخيفة من صفوة نساء المجتمع المخملي..
مع ذلك كانت تعلم أنها في حاجة لهن إذا كانت تريد تأسيس جمعية كبيرة حقا، بالتالي
كان عليها ان تسجم معهن في أية حديث حتى لو بدى كل ذلك سخيف!!
من
بعيد، لمحت أدهم يعتلي منصة صغيرة بين الحضور قبل ان يقرع كأس زجاجي بمعلقة معدنية
لينبه الحضور له.. هتف وهو ينظر لفريدة حينما التف حوله الجمع وبدأت الكاميرات
فالتقاط العديد من الصور له:
- اليوم أنا سعيد وأشعر بالفخر بزوجتي
"فريدة" وبتلك المبادرة العظيمة التي تقدمها لخدمة المجتمع.. أريد أن
أخبرها أنني أثق بها تماما وسأدعمها دائما لأن هذا ما هي بارعة في فعله.. مساعدة
الاخرين!!
اختتم
كلامه وهو يشير لها بعينه أن تقترب لتفعل هذا وما إن انضمت له حتى ضمها من خصرها
لحضنه ليقبل وجنتها وسط تصفيق حار من الحضور والعديد من ومضات الكاميرات.. ثم تابع
حديثه ولا محتفظًا بها بين يديه:
-
وستكتمل
سعادتي أكثر بانضمام صغيرتي "ريم" لتأسيس هذا العمل الخيري!!
وهنا،
تصنمت فريدة في مكانها وهي تشعر فجأة وكأن كل الأصوات قد خفت من حولها بينما تشاهد
ريم تخرج من اللامكان لتقترب منهما وتعتلي المنصة على يسار أدهم ليمنحه قبلة
مماثلة لقبلتها ويضمها بنفس القوة بالتوازي مع ضمه لشقيقته.. في حين منحتها ريم
نظرة ظفر خبيثة وكأنها حصلت على شيء ليس لديها.. نظرة مَن كانت على علم بكل هذا من
قبل في حين أنه لم يكلف نفسه عناء اخبارها!!
اقترب
منهم نادل يحمل ثلاثة كؤوس من مشروبًا ما ليقدم لكل منهم واحدًا، ولم تشعر إلا
وأدهم يضغط بقوة على خصرها كي تلتقط الكأس الخاص بها وتشاركهم النخب.. رمقته بذهول
وهو يصفق كأسها لتهمس دون أن يُسمع صوتها بين صخب الحضور:
-
كانت
هي؟!
تجاهلها وهو يشارك الجميع بصوتٍ
جهور:
-
نخب جمعية
(نور) للأعمال الخيرية!!
ابتلعت مرارة حديثه برشفة من
الشراب والذي اتضح لها أنه أنواع النبيذ الأبيض والذي ترك مذاقًا حارقًا بحلقها
غطى على ما قاله.. حينما فرغت هذه المسرحية حاولت الابتعاد عنه ليُحجم خصرها لحين
انتهى من حديثه إلى أحد المراسلين ثم التفت لها وجذبها بعيدًا عن الأضواء ليهدر
بحده محاولًا قدر الإمكان إبقاء صوته منخفضًا:
-
ماذا
دهاكِ بحق خالق الجحيم؟!
ذمت فريدة شفتيها في غيظٍ منه،
ابن العاهرة ألا يعرف ماذا دهاها حقا؟!
-
فقط
لماذا لم تخبرني أنها "ريم"؟؟.. هل تظن أنني كنت سأعارض؟!
نظر لها باستنكار، هل كانت تظن
أنها تملك حرية الرفض أو القبول؟!.. ثم منحها أكثر إجابة تستفزها:
-
لأنني
أريد هذا!!
ومن ثم ابتعد وهو يُعدل من هندامه
ويمحي تعابير الغضب عن وجه ليأمرها بينما يجذبها في يده كدمية لعينة:
-
أجليّ
تلك السخافات الآن فلدينا ما هو أهم.. ثمة مَن أريد أن أعرفك عليه!!
تضاءلت
الأصوات من حولها كما تضاءلت نفسها أمام عينها.. وفي تلك اللحظة أدركت فريدة شيئان:
"الأول؛
أنها وحيدة في عالم لا تنتمي لشيءٍ فيه..
والثاني؛ مهما بلغ عشق أدهم لها
لن
يحبها أكثر من شقيقته!!"
❀❀❀
بفمٍ صامت تبعته وهو يُدخلها إحدى
الغرف الجانبية للقاعة والتي كانت مخصصة على لإجراء المكالمات أو المحادثات الهامة
بعيدة عن صخب الحفل، حتى أنها كانت تحوي عدة مقاعد فاخرة وبالطبع امتلأت طاولاتها
بالشراب..
كانت غير مكترثة تمامًا بما
يفعله لدرجة أنها لم ترفع رأسها لترى هوية ذلك الشخص الهام التي يجرّها من أجله
جرًا كالماشية!!.. ولكنها فعلت مضطرة حينما تركها أدهم هاتفًا وهو يخرج مغلقًا
الباب خلفه:
-
غير
مسموح لكما بالخروج قبل أن تكونان شريكان عن حق!!.. هل هذا مفهوم؟!
وهنا التفتت لتجد ريم تقف
بعيدًا بينما تمنحها احدى ابتسامتها البلاستيكية الودّية بينما تومئ لأخيها في طاعة
بريئة.. ماذا يحدث هنا واللعنة؟!
كانت نظرتها تحمل هذا السؤال
بينما تطالع ريم وقد أدركت نوعًا عبث الاخوان بها.. تبا لسخافتهما!!.. الآن
ماذا؟!.. هل هكذا يجبرها على تقبل الأمر؟!
-
أنا
أسفه..
حسنا، هذا نوعا ما فاجئها.. فمن
خلال معاشرتها لتلك العائلة عرفت أن الاعتذار ليس من شيمهم، ولكن على ما يبدو تلك
الصغيرة قد خالفت ظنها.. وقفت فريدة بصمت تنصت لما سيتبع تلك الكلمة لتنظر ماذا
ستقرر بشأنها.. فهي نوعا ما قد اعتادت على تصرفاتها الطائشة الفترة السابقة عامة..
فمنذ أن جاءت معهما هنا، وكلما تقابلا، كانت تعاملها بلطفٍ زائد خمنت أن سببه وجود
أدهم بينهما.. عدا ذلك، لم تكن تراها، كانت تتعمد تجاهلها، وللحقيقة لم تتدقق
فريدة معها كثيرًا، فقد كان انشغالها الدائم مع أدهم يستولى على انتباهها.. مذكرة
نفسها بين الحين والآخر أنها شقيقة زوجها الصغرى فقط، وأن ريم لازالت صغيرة ولا
داعي لأخذها على محمل الجد!!
أقبلت عليها ريم وهي تعبث
بأصابعها فارتباك واضح:
-
أعرف
أنني قد ازعجتك الفترة السابقة وبدر مني الكثير من التصرفات الغير لائقة.. ليس
الفترة السابقة فحسب بل منذ عودة أدهم.. أنا اعترف لقد تصرفت معك بوقاحة..
تنهدت فريدة بإرهاق مصحوب بشيءٍ
من الراحة؛ فهي لم تتوقع هذا حقا.. لذلك جلست على أول مقعد قريب وهي تربت على
وجهها وتعطي نفسها فرصة تقييم الوضع برويه.. خاصة وتعابير الفتاة بدت صادقة لها
حتى وهي ترى بعينها كم هي تجبر نفسها على ذلك وكأنها تجبر نفسها على التصرف مثل
البالغين.. ولكن هيا، تلك الصغيرة من نوعية أولئك الناس الذين يحملون نظرة متعجرفة
رغمًا عنهم لا تعكس إطلاقًا طبيعة شخصيتهم الودودة.. وكأن الأمر بإرادتها، فكل فرد
من آل الشاذلي لديهم تلك النظرة الحقيرة وكأنهم يتوارثونها بالجينات!!
بربك الفتاة طوال الوقت تركض
خلف الحفلات لمطاردة أحد الفرق الغنائية مع أصدقائها الملوعة بهم.. أجل، وضعت
فريدة العديد من التبريرات لها كي تبلع كل ما بدر منها سابقًا وتخبر نفسها أنه
شيئا لا يذكر!!
-
ألا
ترين أن اعتذارك قد تأخر شهور، ريم؟!
زمت ريم شفتيها باستياء وكأنها
لم تتوقع هذا الرد.. إلا أنها جلست بالقرب منها محاولة الامتثال لكل كلمة قالها
عادل بهذا الشأن وأن عليها كسب ودها بأي طريقة كانت.. لذلك حاولت مجددًا تبرير
موقفها واستمالة مشاعر فريدة:
-
معكِ
حق لكن.. لا أخفيكِ سرًا.. أنا لم أكن على ما يرام خلال غياب أدهم، كنت أشعر بالسوء
والخوف من فقده ثم أنتِ.. أنا لا ألومك على شيء ولكن ما سمعته من والداي أنكِ كنتِ
السبب لذلك أنا.. كنت سأموت من خوفي.. انتِ تعرفين كم أحب أدهم أليس كذلك؟؟.. أنا
أسفة، هو أخبرني أن ذلك غير صحيح وبالتأكيد لما سافرنا هنا وابتعدنا عن كل الخطر
بدأت أدرك كم أخطأت في حقك.. أنا لم أرى منكِ أي سوء.. لهذا أنا.. لقد حاولت
الاعتذار منكِ سابقًا ولكني خيفت أن ترفضيني خاصة وكان واضحًا لي أنكِ تتحاشين
الحديث معي.. لذلك استعنت بأدهم في تدبير مكيدة العمل معكِ كي تصفو الأمور بيننا
وا..
-
ششش..
ليس عليكِ قول المزيد، بالطبع أتفهم وبالطبع أسامحك ريم
لم يسع فريدة إلا أن تجيبها
هكذا على الفور بعاطفة حنون وهي تربت على كفها في احتواء.. لتتسع ابتسامة ريم وهي
تهتف:
-
يعني قد
استعدت أختي من جديد؟!
هزت فريدة رأسها بالإيجاب
لترتمي الأخرى في حضنها وهي تصيح في انتصار وسعادة حقيقيين:
-
أخيرًا!!
-
هيا
ايتها الصغيرة يجب علينا العودة الآن وإلا الجميع سيبدأ في التساؤل..
قالتها فريدة وهي تستعد للنهوض
إلا أن ريم استبقتها قائلة:
-
انتظري..
يجب أن نحتفل أولاً!!
هزت فريدة رأسا بلا فائدة وهي
تراقب تلك المشاغبة التي تشع طاقة وجنون كعادتها ، بينما تملئ كأسين بشرابٍ ما
وتناولها إحداهما متمتمه على سبيل المزاح:
-
خذي،
رفاهيّ عن نفسك قليلًا.. أعرف كم هي سخيفة أوامر أخي!!
حسنا، رغم أنها لا تحب ذلك
كثيرًا إلا أنها أصابت في ذلك الأمر ، الحق أن أخيها لا يُطاق بكل أوامره وقد وتر
اعصابها الليلة بما فيه الكفاية لذلك كانت في حاجة لشيء يرخي أعصابها ويساعدها إتمام
الحفل فمن الواضح أن وغدها قد استهلك كل طاقتها في بداية الحفل.. لهذا احتست كأسها
دفعة واحدة كي تُخمد كل القلق وبوادر الانفعال التي تكافح داخلها للخروج من بداية
تلك.. في حين هتفت ريم بتشجيع من جانبها وهي تراقب فريدة تغمض عينها بقوة لتستسيغ
حرقة الشراب:
- أوه،
لم أكن اعلم أنكِ بتلك القوة، زوجة أخي!!
تحدثت فريدة حينما استطاعت وهي
تمنح كأسها لريم لتعبئ غيره وكذلك فعلت ريم:
- من
الآن وصاعدًا لديك الكثير من الوقت لتعرفيني.. نخب عملنا معًا!!
- إذًا،
نخب عملنا معًا!!
احتست كلاً منهما الشرب دفعة
واحدة، وبطريقة مفتقرة للباقة قبل أن يشرعا في ضحك هستيري جذب سمع أدهم، الذي صادف
أنه قد أتى ليتفقدهما ولأنه أراد فريدة معه كذلك فلازالت الليلة في بدايتها وأمامهما
الكثير.. ما إن دلف حتى توقفت الضحكات بغتة والتفت كل منهما في ذعر حقيقي له وسرعان
ما أدرك سببه ما إن رأى الكؤوس الفارغة بأيديهما!!
اقترب وكل ملامحه تنضح بالغيظ
والغضب متمتمًا في لهجة متوعدة:
-
أن لن اتحدث
الآن في ذلك وافتعل فضيحة.. لكن هذا لن يمر مرور الكرام على كليكما!!.. هيا!!
لفظ كلمته الأخيرة وسحب فريدة
في يده من جديد أما الاخرى فلم تكن تحتاج لشيء كي تتحرك خلفه كظله ولكنها كانت
مشغولة بإرسال رسالة لعادل محتواها الاتي:
”كل شيء
يسير حسبما اتفقنا
نجحت في جعلها تأخذ جرعتها
كاملةً هذه المرة لذلك يمكن اعتبار أنها قد اصبحت من الليلة تحت رحمتك
انتظر مكافئتي لاحقا
تشاو بيبي“
توترت للحظات بعد أن أرسلت الرسالة
وراوضها قلق ما أن ينكشف الامر ويفتحه أدهم لكن عادت وطمأنت نفسها بأنه قد أخذت احتياطاتها
ودرَّجت لفريدة مخدر الكوكايين بجرعات شبه معدومة على مدار الأشهر الماضية كي لا
يلاحظ هي أو أدهم أي تغيير ويفسد الأمر.. والليلة قد بدأت المرحلة التالية من الخطة
كما وضعها عادل.. أن تضع لها جرعة عالية بشكل ملحوظ في مخطط أن تنكشف أمام أدهم سواء
بافتعالها مصيبة في الحفل او بعد ذلك وينفذ تهديده لها الذي سبق وقد سمعته بآخر
ليلة بمصر، ويرميها بأي مصحة أو أي مكب قمامة لا يهم.. المهم أن يتخلص منها ويخرجها
بعيدًا عن حياتهم!!
نفست بعدها بسِعة وهي تتحرك
بسعادة وانشراح في الحفل بينما تفكر في كل ذلك وكيف ستروق الحياة لها بعد هذا وستعود
صداقة عادل لأدهم من جديد وعندها فقط يستطيع طلب الزواج منها أمام الجميع بشكل
رسمي وتنحل كل مشكلاتها!!
❀❀❀